فصل: المعنى:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وتنوين {نصب وعذاب} للتعظيم أو للنوعية، وعدل عن تعريفهما لأنهما معلومان لله.
وجملة {اركض برِجلِك} الخ مقولة لقول محذوف، أي قلنا له اركض برجلك، وذلك إيذان بأن هذا استجابة لدعائه.
والرّكْض: الضرب في الأرض بالرجل، فقوله: {بِرِجْلِكَ} زيادة في بيان معنى الفعل مثل: {ولا طائر يطير بجناحيه} [الأنعام: 38] وقد سمّى الله ذلك استجابة في سورة [الأنبياء: 84] إذ قال: {فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر}.
وجملة: {هذا مُغْتسلٌ} مقولة لقول محذوف دل عليه المقول الأول، وفي الكلام حذف دلّت عليه الإِشارة.
فالتقدير: فركض الأرض فنبع ماء فقلنا له: هذا مغتسل بارد وشراب.
فالإِشارة إلى ماء لأنه الذي يغتسل به ويشرب.
ووصْف الماء بذلك في سياق الثناء عليه مشير إلى أن ذلك الماء فيه شفاؤه إذا اغتسل به وشَرب منه ليتناسب قول الله له مع ندائه ربّه لظهور أن القول عقب النداء هو قول استجابة الدعاء من المدعو.
و{مغتسل} اسم مفعول من فعل اغتسل، أي مغتسل به فهو على حذف حرف الجر وإيصال المغتسل القاصر إلى المفعول مثل قوله:
تَمرُّون الديارَ ولم تعُوجوا

ووصفه ب {بَارِدٌ} إيماء إلى أن به زوال ما بأيوب من الحمى من القروح.
قال النبي صلى الله عليه وسلم «الحُمى من فَيْح جهنم فأطفئوها بالماء»، أي نافع شاف، وبالتنوين استُغني عن وصف {شراب} إذ من المعلوم أن الماء شراب فلولا إرادة التعظيم بالتنوين لكان الإِخبار عن الماء بأنه شراب إخبارًا بأمر معلوم، ومرجع تعظيم {شراب} إلى كونه عظيمًا لأيوب وهو شفاء ما به من مرض.
{وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (43)} اقتصار أيوب في دعائه على التعريض بإزالة النُّصْب والعذاب يشعر بأنه لم يُصب بغير الضر في بدنه.
ويحتمل أن يكون قد أصابه تلف المال وهلاك العيال كما جاء في كتاب أيوب من كتب اليهود فيكون اقتصاره على النُّصْب والعذاب في دعائه لأن في هلاك الأهل والمال نُصْبًا وعذابًا للنفس.
ولم يتقدم في هذه الآية ولا في آية سورة الأنبياء أن أيوب رُزِىءَ أهله فيجوز أن يكون معنى {ووهبنا له أهله ومثلهم معهم} أن الله أبقى له أهله فلم يصب فيهم بما يكره وزاده بنين وحفدة.
ويكون فعل {وهبنا} مستعملًا في حقيقته ومجازه.
ويؤيد هذا المحمل وقوع كلمة {معهم} عقب كلمة {ومثلهم} فإن مع تشعر بأن الموهوب لاحق بأهله ومزيد فيهم فليس في الآية تقدير مضاف في قوله: {ووهبنا له أهله}.
وليس في الأخبار الصحيحة ما يخالف هذا إلا أقوالًا عن المفسرين ناشئة عن أفهام مختلفة.
ويحتمل أن يكون مما أصابه أنه هلَك وأولاده في مدة ضرّه كما جاء في كتاب أيوب من كتب اليهود وأقوال بعض السلف من المفسرين فيتعين تقدير مضاف، أي وهبنا له عوض أهله.
وألفاظ الآية تنبو عن هذا الوجه الثاني.
ومعنى {ومثلهم} مماثلهم.
والمراد: مماثل عددهم، أي ضعف عدد أهله من بنين وحفدة.
وتقدم نظير هذه الآية في قوله: {وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين} في سورة [الأنبياء: 84].
وما بين الآيتين من تغيير يسير هو مجرد تفنّن في التعبير لا يقتضي تفاوتًا في البلاغة.
وأما ما بينهما من مخالفة في قوله هنا: {وذِكرى لأُوْلِي الألباب} وقوله في سورة الأنبياء {وذكرى للعابدين} فأما قوله هنا وذِكرى لأُوْلِي الألباب فإن الذكر التذكير بما خفي أو بما يخفَى وأولو الألباب هم أهل العقول، أي تذكرة لأهل النظر والاستدلال.
فإن في قصة أيوب مجملها ومفصَّلها ما إذا سمعه العقلاء المعتبِرون بالحوادث والقائسون على النظائر استدلوا على أن صبره قدوة لكل من هو في حرج أن ينتظر الفرج، فلما كانت قصص الأنبياء في هذه السورة مسوقة للاعتبار بعواقب الصابرين وكان النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون مأمورين بالاعتبار بها من قوله: {اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داود ذا الأيد} كما تقدم حُقّ أن يشار إليهم بأولي الألباب.
وأما الذي في سورة الأنبياء فإنه جيء به شاهدًا على أن النبوءة لا تنافي البشرية وأن الأنبياء تعْتريهم من الأحداث ما يعْتري البشر مما لا ينقص منهم في نظر العقل والحكمة وأنهم إنما يقومون بأمر الله، ابتداءً من قوله تعالى: {وما أرسلنا قبلك إلا رجالًا يوحى إليهم} [الأنبياء: 7] وأنهم معرَّضون لأذَى الناس مما لا يخلّ بحرمتهم الحقيقية وأقصى ذلك الموت من قوله: {وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون} [الأنبياء: 34].
وإذ كان المشركون يقولون: {نتربص به ريب المنون} [الطور: 30]، وحاولوا قتله غير مرة فعصمه الله، ثم من قوله: {ولقد استهزىء برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون} [الأنعام: 10] ثم قال: {ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرًا للمتقين الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون} [الأنبياء: 48، 49]، وذُكر من الأنبياء من ابتلي من قومه فصبَر، ومن ابتلي من غيرهم فصبَر، وكيف كانت عاقبة صبرهم واحدة مع اختلاف الأسباب الداعية إليه.
فكانت في ذلك آيات للعابدين، أي المْمتثلين أمر الله المجتَنبين نهيَه، فإن مما أمر به الله الصبر على ما يلحق المرء من ضرّ لا يستطيع دفعَه لكون دفعه خارجًا عن طاقته فختم بخاتمة أن في ذلك لآيات للعابدين.
{وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فاضرب بِّهِ وَلاَ تَحْنَثْ} مقول لقول محذوف دلّت عليه صيغة الكلام، والتقدير: وقلنا خذ بيدك ضغثًا فاضرب به ولا تحنث، وهو قول غيرُ القول المحذوف في قوله: {اركض برجلك} [ص: 42] لأن ذلك استجابة دعوة وهذا إفتاء برخصة، وذلك له قصته، وهذا له قصة أخرى أشارت إليها الآية إجمالًا ولم يرد في تعيينها أثر صحيح ومجملها أن زوج أيوب حاولت عملًا ففسد عليه صبره من استعانة ببعض الناس على مواساته فلما علم بذلك غضب وأقسم ليضربنّها عددًا من الضرب ثم ندم وكان محبًّا لها، وكانت لائذة به في مدة مرضه فلما سُرِّي عنه أشفق على امرأته من ذلك ولم يكن في دينهم كفارة اليمين فأوحى الله إليه أن يضربها بحُزمة فيها عددٌ من الأعواد بعدد الضربات التي أقسم عليها رفقًا بزوجه لأجله وحفظًا ليمينه من حنثه إذ لا يليق الحنث بمقام النبوءة.
وليست هذه القضية ذات أثر في الغرض الذي سيقت لأجله قصة أيوب من الأسوة وإنما ذكرت هنا تكملة لمظهر لطف الله بأيوب جزاء على صبره.
ومعاني الآية ظاهرة في أن هذا الترخيص رفق بأيوب، وأنه لم يكن مثله معلومًا في الدّين الذي يدين به أيوبُ إبقاء على تقواه، وإكرامًا له لحبه زوجه، ورفقًا بزوجه لبرّها به، فهو رخصة لا محالة في حكم الحنث في اليمين.
فجاء علماؤنا ونظروا في الأصل المقرر في المسألة المفروضة في أصول الفقه وهي: أن شرع من قبلنا هل هو شرع لنا إذا حكاه القرآن أو السنة الصحيحة، ولم يكن في شرعنا ما ينسخه من نص أو أصل من أصول الشريعة الإسلامية.
فأما الذين لم يروا أن شرع من قبلنا شرع لنا وهم أبو بكر الباقلاني من المالكية وجهورُ الشافعية وجميعُ الظاهرية فشأنهم في هذا ظاهر، وأما الذين أثبتوا أصل الاقتداء بشرع مَن قبلنا بقيوده المذكورة وهم مالك وأبو حنيفة والشافعي فتخطَّوا للبحث في أن هذا الحكم الذي في هذه الآية هل يقرر مثلُه في فقه الإِسلام في الإِفتاء في الأيمان وهل يتعدى به إلى جعله أصلًا للقياس في كل ضَرب يتعين في الشرع له عدد إذا قام في المضروب عذر يقتضي الترخيص بعد البناء على إثبات القياس على الرخص، وهل يتعدّى به إلى جعله أصلًا للقياس أيضًا لإِثبات أصل مماثل وهو التحيّل بوجه شرعي للتخلص من واجب تكليففٍ شرعي، واقتحموا ذلك على ما في حكاية قصة أيوب من إجمال لا يتبصر به الناظر في صفة يمينه ولا لفظه ولا نيته إذ ليس من مقصد القصة.
فأما في الأيمان فقد كفانا الله التكلّف بأن شرع لنا كفارات الأيمان.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم «إني والله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرًا منها إلا كفرت عن يميني فعلت الذي هو خير»، فصار ما في شرعنا ناسخًا لما شرع لأيوب فلا حاجة إلى الخوض فيها، ومذهب الحنفية العمل بذلك استنادًا لكونه شرعًا لمن قبلنا وهو قول الشافعي.
وقال مالك: هذه خاصة بأيوب أفتى الله بها نبيئًا.
وحكى القرطبي عن الشافعي أنه خصه بما إذا حلف ولم تكن له نية كأنه أخرجه مُخرج أقل ما يصدق عليه لفظ الضرب والعدد.
وأما القياس على فتوى أيوب في كلّ ضرب معيّن بعدد في غير اليمين، أي في باب الحدود والتعزيرات فهو تطوح في القياس لاختلاف الجنس بين الأصل والفرع، ولاختلاف مقصد الشريعة من الكفارات ومقصدها من الحدود والتعزيرات، ولترتب المفسدة على إهمال الحدود والتعزيرات دون الكفارات.
ولا شك أن مثل هذا التسامح في الحدود يفضي إلى إهمالها ومصيرها عبثًا.
وما وقع في سنن أبي داود من حديث أبي أمامة عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار أنّ رجلًا منهم كان مريضًا مضنى فدخلت عليه جارية فهشّ لها فوقع عليها فاستفتوا له رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: لو حملناه إليك لتفسخت عظامه ما هو إلا جلد على عظْم فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذوا له مائة شمراخ فيضربوه بها ضربةً واحدة.
ورواه غير أبي داود بأسانيد مختلفة وعبارات مختلفة وما هي إلا قصة واحدة فلا حجة فيه لأنه تطرقته احتمالات:
أولها: أن ذلك الرجل كان مريضًا مضنى ولا يُقام الحد على مثله.
الثاني: لعلّ المرض قد أخل بعقله إخلالًا أقدمه على الزنا فكان المرض شبهة تدْرأ الحدَّ عنه.
الثالث: أنه خبر آحاد لا ينقض به التواتر المعنوي الثابتُ في إقامة الحدود.
الرابع: حمله على الخصوصية.
ومذهب الشافعي أنه يعمل بذلك في الحد للضرورة كالمرض وهو غريب لأن أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وأقوال السلف متضَافرة على أن المريض والحامل يُنتظران في إقامة الحد عليهما حتى يبرآ، ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن تضرب الحامل بشماريخ، فماذا يفيد هذا الضرب الذي لا يزجر مُجرمًا، ولا يدفع مأثمًا، وفي أحكام الجصّاص عن أبي حنيفة مثل ما للشافعي.
وحكى الخطابي أن أبا حنيفة ومالكًا اتفقا على أنه لا حدّ إلا الحد المعروف.
فقد اختلف النقل عن أبي حنيفة.
{تَحْنَثْ إِنَّا وجدناه صَابِرًا نِّعْمَ العبد إِنَّهُ}.
علة لجملة {اركض برجلِكَ} [ص: 42] وجملة {ووهبنا له أهلهُ} [ص: 43]، أي أنعمنا عليه بجبر حاله، لأنا وجدناه صابرًا على ما أصابه فهو قدوة للمأمور بقوله: {اصبر على ما يقولون} [المزمل: 10] صلى الله عليه وسلم فكانت إِنَّ مغنية عن فاء التفريع.
ومعنى {وجدناهُ} أنه ظهر في صبره ما كان في علم الله منه.
وقوله: {نِعم العبد إنَّهُ أوَّابٌ} مثل قوله في سليمان {نِعم العبد إنَّه أوَّابٌ} [ص: 30]، فكان سليمان أوَّابًا لله من فتنة الغنى والنعيم، وأيوب أوَّابًا لله من فتنة الضرّ والاحتياج، وكان الثناء عليهما متماثلًا لاستوائهما في الأوبة وإن اختلفت الدواعي.
قال سفيان: أثنى الله على عبدين ابتليا: أحدهما صابر، والآخر شاكر، ثناءً واحدًا.
فقال لأَيوب ولسليمان {نِعْمَ العبد إنَّه أوَّابٌ}. اهـ.

.قال صاحب التفسير الواضح:

{وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ (41)}.

.المفردات:

ارْكُضْ بِرِجْلِكَ اركض: التحريك، ومنه: ركض الدابة: إذا حرك راكبها رجليه والمراد: اثبت ضِغْثًا والضغث: الحزمة الصغيرة من الحشيش.

.المعنى:

للناس فيما يقصون عن أيوب طريقان، أحدهما يقول: إن أيوب مسه الشيطان في بدنه وماله بنصب وعذاب، ثم يرسلون خيالهم في تصوير المرض الذي أصابه حتى نفر الناس منه إلى أبعد الحدود المعقولة وغير المعقولة، وهذا بلا شك باطل وأى باطل لا يستسغيه عقل مسلم، فإنا نعتقد أن النبي يستحيل عليه أن يصاب بمرض جسمي ينفر فإنه أرسل ليهدى الخلق ويحتك بهم، فليس من الجائز عقلا أن يكون بحيث ينفر منه الناس، وهل يقدر الشيطان على البلاء بالمرض إلى هذا الحد، لو كان كذلك ما الذي منعه من إصابة أعدائه الألداء جميعا كالأنبياء والمرسلين والهداة والمرشدين بهذا أو أشد منه؟ فإنهم أعداء حقيقة. وكيف يتصور مسلم في الشيطان غير ما حدده له ربه حيث يقول: {ما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي} [يوسف 22] فقد صرح اللّه بأنه لا قدرة له في حق البشر إلا على إلقاء الوساوس والخواطر الفاسدة قال: {فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [ص 82، 83].
وعلى هذا الأساس فالمعقول في قصة أيوب هو أن اللّه أمر محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم أن يذكر عبده الممتثل لأمره أيوب وقت أن نادى مستغيثا به: أنى مسنى الشيطان بنصب وعذاب.
مسه الشيطان بوسوسته وإلقاء الخواطر الفاسدة في ذهنه، وإبليس وجنده يتحينون الفرص. ويطرقون لكل إنسانا بابا خاصا به. ويدخلون عليه من النقطة الضعيفة عنده- واللّه أعلم- هل دخل الشيطان على أيوب من جهة بدنه إذ كان مريضا صابرا، أو من جهة ماله أو ولده، أو من جهة قومه ودعوته لهم؟ اللّه أعلم.
ثم أمر من قبل اللّه أن يركض برجله وأن يضرب الأرض بها ثابتا مستقرا غير عابئ بما حوله من أعاصير، فالعلاج الوحيد عنده هو ما أنزله اللّه عليه وهداه إلى العمل به فهو الذي يغسل الأوضار والأدران وهو المغتسل البارد والشراب، والقرآن كثيرا ما يكنى عن الوحى بالماء والمطر، ولا شك أن كلام اللّه هو العلاج لكل داء والدواء لكل مرض {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسارًا} [الإسراء 82].
ووهبنا له أهله وأضعافهم معه، ولعل المراد بالأهل أتباعه في الدين، ووهبنا له ذلك رحمة منا وعظة وذكرى لأولى الألباب الذين يعلمون أن الأمر بيد اللّه، وأنه يكشف السوء ويجيب المضطر، ويدافع عن عباده المؤمنين الصابرين.
وأمر أيوب أن يأخذ بيده ضغثا فيضرب به ولا يحنث. قالوا: إن امرأته خالفته في أمر فأقسم ليضربنها مائة فأرشده اللّه إلى أخذ قنو فيه مائة شمروخ أو يأخذ حزمة فيها مائة عود فيضرب بها ولا يحنث.
إن ربك وجد أيوب صابرا على البلاء شاكرا على النعماء لأنه العبد أيوب، وإنما مدحه ربه بهذا لأنه أواب.
وهذه ثالث قصة ذكرت في هذه السورة، وكلها فيها بلاء وفتنة واختبار وصبر، ثم نجاح في البلاء والفتنة، ولأصحابها زلفى ومكانة وحسن مآب عند اللّه، وذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء. اهـ.